شيخة في الرابعة عشرة من عمرها، بنت أحد أبطالنا الشهداء، قالت كلمات زلزلت الوجدان، وأشعلت الأشجان، وأزاحت عن كاهلنا الأحزان، بهذا الصمود، بهذا الجَلَدْ، وقوة العزيمة، ونقاء الشكيمة، وصفاء القلب، فلا أحد يستطيع أن يصمد دون أن تسيح الدموع من عينيه مدراراً، لأنها تحدثت بلغة النجيبات، اللاتي يزرعن في الأفئدة أشجار القوة والعزم الشديد. فهكذا بلد ينجب هكذا أطفال، إنما هي بلد الأطفال، والناس النبلاء، هكذا بلد تثمر قلوباً مثل أنهار العذوبة، إنما هي بلد الأوفياء.. نقول شكراً.. شكراً لشيخة، وللأم التي أنجبتها، شكراً لأبيها البطل الذي ذهب إلى جنات الخلد بإذن الله، وترك لنا زهرة تعبق مشاعرنا بالحب لهذا الوطن وقيادته الرشيدة.. فإننا كل ما نقوله ونكتبه لا يساوي حرفاً واحداً نطقته هذه الطفلة «الكبيرة»، الكبيرة في مشاعرها الكبيرة في صبرها، الكبيرة في أخلاقها ومعانيها ودلالاتها التي تضرب مثالاً حياً لإنسان الإمارات وتعطي نموذجاً حياً للطفولة التي نمت على تربة لوَّنها زايد الخير، طيَّب الله ثراه، بألوان الحب والصفاء والنقاء والوفاء، والنظرة الثاقبة تجاه وطن يلهمنا دائماً العزة والشرف الرفيع، ويسقينا من رضاب صحرائه الخالدة، كل مفردات التضحية والفداء لوطن الحب وقيادة الحلم الجميل.. شكراً لشيخة لأنها صافحتنا في الصباح الباكر عبر أثير إذاعة أبوظبي لتقول هذه الكلمات الدرر وتجعلنا على يقين بأن مستقبل هذا البلد بأيدٍ أمينة ومصيره معلق على صدور الجميع، قلادة لا تقدر بثمن.. شكراً لشيخة التي جادت بالحب وجودت بالصبر، وأسعدت القلوب بما فاض به قلبها الجميل من بياض الموجة العارمة، التي تغسل سواحلنا من بقايا زمن لتعيدنا إلى منطقة السلام النفسي والتوكل على الله في كل أمورنا وشؤوننا، شيخة فتحت لنا في الصباح الباكر نافذة للنسيم العليل كي نستنشق عطر الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حرية الإنسان وكرامته وشرفه وخلاصه من الضعف والهوان.. شكراً لشيخة لأنها أوضحت عن مشاعر بصلابة الجبال، شموخ بحر الخليج العربي، وصحرائه النبيلة.. شكراً لشيخة لأنها أعادت لنا التوازن النفسي الذي فقدنا جزءاً منه إثر الفقدان لشهدائنا الأبرار.. وأمثال شيخة كثر في هذا الوطن المعطاء.