من له حيلة فليحتل، وليغتل الحقيقة مهما بلغت من قوة. هذا هو حال مراكز ومحال “المساج” وتجميل الجسد، ولأن الناس يفتحون الفرص على مصاريعها، فإن هذه المراكز لا تتورع في استخدام أسوأ السبل لأجل حلب وسلب جيوب اللاهثين وراء الجمال الجسدي المزعوم. وضع الأقدام في أحواض الأسماك الصغيرة لتنقيتها وتصفيتها من التجاعيد الجسدية، والحراشف، صرعة من الصرعات التي لجأت إليها مراكز التجميل وروجت لها وسوقتها، فصدقها بعض الناس. وقد تقدمت وزارة الصحة مشكورة على جهدها، وعلى لسان أمين الأميري وكيل الوزارة المساعد بالتحذير من هذه الممارسات الخاطئة لأنها لا تستند الى أدلة علمية، وأنها قد تتسبب بأمراض الكبد الوبائي والإيدز.
الآن، وبعد أن قالت وزارة الصحة الكلمة الفصل وأعلنت عن أضرار هذه الممارسات، فإنه من الواجب على الجهات المختصة أن تقوم بدورها وتغلق المحال المخالفة التي تتحدى كل القوانين والتقارير الطبية وتمارس نشاطها التجاري مستغلة غفلة الناس، وسذاجة البعض، ولهفتهم وراء مثل هذه النشاطات، ولابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة، التي تقطع دابر مثل هذه الأفعال حفاظاً على الصحة العامة، ومنعاً لأي تجاوزات تصيب الناس بالأمراض الفتاكة، وبعض مراكز المساج بما تقوم به من أدوار خارج نطاق العمل الذي أخذت التراخيص بشأنه، فإنها الآن بدأت في الانحراف بالمهنة الى متاهات قد تجر ويلات ومصائب على الناس، من دون أن يدروا، وإذا كان البعض لم يتمتع بالوعي الكافي، ويمتنع عن مزاولة مثل هذه النشاطات المؤذية، فإنه لابد من تدخل الجهات المسؤولة، ولابد من وضع حد لمثل هذه الأخطاء الكبيرة التي قد تؤدي الى أخطاء وكوارث.
وزارة الصحة بمفردها لن تستطيع أن تكافح كل هذه الهجمات الشرسة، إذا لم يتوافر الوعي لدى الناس، وإذا لم تشارك المؤسسات ذات الصلة في فحص ومتابعة وملاحقة هذه المراكز التي تجري وراء الربح السريع، ولو كان على حساب صحة الناس وعافية المجتمع، ويجب أن نوقظ الناس من الغفلة ونقول لهم أقدامكم ليست أغلى من أكبادكم، وتمليس الأقدام ليس أهم من تخليص الجسد من أمراض لا شفاء منها.
مثل هذه العادات والممارسات تحتاج الى حملات توعية مكثفة والى تكاتف الجهود لمحاربة العادات السيئة والتي تهاجمنا بغتة، ثم تصبح تقليداً يحتل مكانة عالية من ذهنية الناس. نعيد ونكرر لابد من التدخل، لابد من كبح جماح التجارة غير المشروعة، ولا بد من العقاب لأنه خير دواء “لتمليس” الضمير وتصفيته من شوائب الطمع والجشع والهلع. نسأل الله العافية.


marafea@emi.ae