يقولون دائماً إن الإنسان عدو ما يجهل، وذلك صحيح بالتجربة والملاحظة، وإن لم تثبت صحة المثل في المختبرات العلمية، لكن التجربة خير مثال في الحياة، وهنا فإن حديثنا اليوم حول محاولات الحكومة في دبي تعويد الناس على استخدام “المترو” كي يكون اختياراً أساسياً لسكان المدينة باعتباره وسيلة النقل المفضلة التي من المفترض أن يتم الاعتماد عليها مستقبلاً لعوامل كثيرة لها علاقة باستخدامات الطاقة وحماية البيئة، وتوفير الوقت والحد من الازدحام، وهنا فإن الجهات الحكومية المعنية بتسويق “المترو” كي يصبح وسيلة النقل المعتمدة في دبي، مطالبة ببذل المزيد من الجهد والمزيد من الترويج والمزيد من الصبر. واضح جداً أن ظهور مدير بلدية دبي، وهو يستقل “المترو” في طريقه للعمل واتخاذ البلدية شعار يوم بلا مركبات كنوع من نشر ثقافة “المترو”، كلها وسائل وأدوات لتحقيق هذا الهدف، وهو هدف جيد وممتاز على أية حال ويحتاج لأن يدعم إعلامياً ورسمياً، كما أن بلدية دبي قد ألزمت موظفيها باستخدام “المترو” باعتماد آليات أخرى ستتضح فوائدها مستقبلاً حتى وإن بدا أن الموظفين يتذمرون منها حالياً لكن كما قلنا بداية فهذا التذمر هو من قبيل أن الإنسان لا يرغب في التغيير لأنه عدو لما يجهل! استخدام “المترو” أو اعتماد شعار “المترو اختياري” يحتاج إلى جهد أكبر، وأعتقد أن موظفي هيئة الطرق هم الأولى بتطبيقه قبل غيرهم؛ لأن “المترو” هو إنجاز “الهيئة” الأول - طبعاً هو إنجاز لدبي وكل مؤسساتها - لكن “الهيئة” هي الجهة الأولى المعنية مباشرة بهذا الأمر، وعليه فإن عملية الإلزام وليس الإجبار هنا ستتحول مع مضي الوقت إلى سلوك معتاد لدى الموظفين الذين يظهرون اليوم الكثير من التذمر والاحتجاج بدعوى أن استخدام “المترو” إذا كان سيتم اعتماده كوسيلة أولى للنقل، فلا بد أن يطبق الإلزام على الجميع، كما قال أحد الموظفين على الكبار والصغار، وكان يقصد كبار الموظفين طبعاً وصغارهم، وهذا أمر منطقي على اعتبار أن الناس يقتدون بكبارهم دائماً، ومن هذا المنطلق ظهر مدير البلدية وهو يستقل “المترو” صباح أمس. يحتاج التغيير إلى إرادة أولاً وإلى تضحيات ثانياً وإلى تخطيط مبرمج طويل الأمد؛ لأنه يعتمد على تغيير السلوك، وهو من الأمور الصعبة عادة؛ لذلك فإنه سيأتي اليوم الذي سيصبح فيه “المترو” خيار الجميع ليس في دبي فقط وإنما في الإمارات كلها؛ لأن المستقبل للطاقة الآمنة والنظيفة وليس للطاقة القابلة للنفاد، وعلى الإعلام أن يشتغل كثيراً على هذه الثقافة ويوصلها للجمهور عبر إعلانات توعية مستمرة؛ لأنها تصب أيضاً في صالح شعار “المترو” اختيارياً. مازال في دبي من لم يستخدم “المترو” بعد، ولم يدخل المحطات الأنيقة المجهزة حتى اليوم، ولم يكلف نفسه عناء الفضول للاطلاع على هذا المنجز الحضاري الكبير، وذلك لأسباب مختلفة لعل اهمها مقاومة التغيير عن طريق إظهار عدم الاهتمام، لكن هذا الأمر يجب أن يصار إلى تغييره عبر برامج مؤسسية مختلفة كانت بلدية دبي سباقة في تطبيقها.