يُعد موضوع الهوية الوطنية من الموضوعات ذات الأولوية في مؤسسات الدولة، ولا سيَّما في التعليم الجامعي، حيث تتبلور في هذه المرحلة دوافع العمل والإنجاز في شخصية الطالب. ومن الضروري أن تكون الهوية الوطنية دافعاً راسخاً وأساسياً لتحقيق إنتاجية عالية الجودة، بما ينسجم مع رؤية الدولة، ويجعل منها أولوية في كل تطبيقٍ يختبره الطالب الجامعي. ويتجلى ذلك من خلال إبراز تطلعات الدولة في تطبيقات كل مساق علمي تتم دراسته في الجامعات، حيث تُدرج التطبيقات الماضية والحاضرة، إلى جانب ما يمكن تطويره مستقبلاً في هذا المجال داخل الدولة، بما يتوافق مع التقدّم المنشود، وينسجم مع القيم، والموروث الثقافي، والثوابت في المجتمع الإماراتي الأصيل.
كما يجب إدراج الموضوعات المذكورة نقاطَ تقييمٍ ضمن مخرجات التعلم التي يُتوقَّع من الطالب تحقيقها في التخصص العلمي داخل الجامعات المحلية. وليس من الصعب تعزيز الهوية الإماراتية، وما يرتبط بها من ثوابت، بما يتوازى مع معايير الجودة العالمية في المناهج والمشاريع العلمية والتجريبية، بل إن ترسيخ الهوية الوطنية يُسهم بشكل متسارع في دفع عملية إنجاز المشاريع التي تتطلع إليها الدولة؛ إذ إن الدافع للعمل ينبع من حب الوطن والحرص على بلوغه أعلى المستويات وأحدث صور التطور، بأقل الخسائر المادية والطاقية، وبأعلى درجات الكفاءة والإتقان؛ فعندما يكون دافع التعلم لدى الطالب الجامعي هو التطبيق والتطوير داخل الدولة، انطلاقاً من المحبة والحرص، تصبح الإنجازات أعظم، ويغدو العمل أكثر إنتاجية ودقة وقوة وإتقاناً.
ويُعد إدخال أجزاء خاصة بالتطبيقات العلمية والهندسية والتكنولوجية –التي تتطلع إليها الدولة– ضمن مساقات السنة الثالثة والرابعة من التعليم الجامعي أمراً ضرورياً لا يمكن إغفاله. ولا يقتصر الأمر على تضمين هذه الأجزاء التي تُسهم في ترسيخ الهوية الوطنية، بل وتحديثها على الدوام، سواء من حيث طريقة العرض أو شكل المحتوى العلمي، بما يواكب التحديثات العالمية التي تتسع لها الهوية الوطنية وتحتفي بها، مع الحفاظ على الثوابت التي تميّز دولة الإمارات.
ولا يمكن لأي منهج يُدرَّس في هذا الوطن المحبّ إلا أن يتّسع لروح الهوية الوطنية، ويندمج معها، ويوجه معلوماته نحو المشاركة الفاعلة في مسيرة التطوير والارتقاء التي تنشدها الدولة، وتضع لها الاستراتيجيات الفاعلة التي تضمن لسكّانه كرامة العيش، وأمن النفس والمال والمكان، وراحة البال، إلى جانب ترسيخ قيم حب المجتمع، والتعلّم، والعمل المتقن؛ حفاظاً على هذا الوطن ورفعة شأنه.
*أستاذ مشارك في قسم علوم الأرض، مدير المركز الوطني للمياه والطاقة، جامعة الإمارات العربية المتحدة.


