يظل يوم السادس من مايو محطة بارزة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ كانت مسيرة بناء الاتحاد تمضي نحو المزيد من القوة والرسوخ مع قرار توحيد القوات المسلحة عام 1976، الذي اتُّخذ خلال اجتماع للمجلس الأعلى الاتحاد، برئاسة القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليحمل رسالة إلى العالم بأن دولة الاتحاد التي كانت في منتصف العام الخامس من تأسيسها قد أرست الأساس المتين لتجربة فريدة في بناء الدول.

وإذا كان هناك من وصف يُعبِّر حقيقةً عن موقع القرار ومكانته في تاريخ دولة الإمارات، فهو قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إن «توحيد قواتنا المسلحة في السادس من مايو عام 1976، هو الحدث الوطني الأكثر أهمية وتأثيراً في تاريخنا الحديث، بعد قرار إنشاء دولة الاتحاد في الثاني من شهر ديسمبر عام 1971».

لقد أتاح القرار المضي في خطط لتطوير المؤسسة الوطنية التي أثبتت قوتها وقدرتها على ردع كل التهديدات والحفاظ على سيادة الدولة واستقلال قرارها وحماية ثرواتها ومقدراتها، من خلال تحقيق طفرات كبرى في مجالات التنظيم والتدريب والتسليح، أتاحت لدولة الإمارات أن تمتلك واحداً من أكثر جيوش العالم حداثة وتطوراً وقدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة وأداء المهام العسكرية في أعقد الظروف وأصعبها. وكانت إنجازات دولة الإمارات العسكرية ومشاركاتها العملياتية محط تقدير كبار الخبراء الدفاعيين وأبرز القادة العسكريين في العالم.

وتواصل دولة الإمارات الاستثمار في تطوير قدراتها الدفاعية، سواء من خلال منظومة التعليم العسكري المتكاملة، أو التصنيع الدفاعي المحلي المتقدم، أو الشراكات الاستراتيجية مع دول كبرى، أو التدريب المستمر للكوادر. كما تسعى إلى تعزيز دور القوات المسلحة في مجالات الدفاع السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المستقبلية.

وفي جانب لا يقل أهمية، تمثل القوات المسلحة قوة استقرار وأمن يحفل تاريخها بمهام حفظ السلام وتقديم المساعدات والإغاثة للمنكوبين والمتضررين من الحروب والنزاعات في دول مختلفة، انطلاقاً من القيم الإنسانية التي تحكم نظرة الدولة تجاه العالم. ولعله مما لا يخلو من دلالة أن المشاركة الأولى للقوات المسلحة الإماراتية بعد أشهر قليلة على قرار توحيدها كانت في «قوة الردع العربية» التي تشكلت عام 1976، لاحتواء خطر الحرب الأهلية في لبنان. كما يضم سجل العمل الإغاثي والإنساني المشرف للقوات المسلحة مهام لاحقة في الصومال والبوسنة وكوسوفو وأفغانستان، وكذلك في إزالة الألغام في جنوب لبنان منذ عام 2001.

ويعبر احتفاء أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة بهذه المناسبة الوطنية، وما يسودها من مظاهر الاعتزاز، عن فهم عميق لأهمية هذه الخطوة وآثارها الممتدة في تاريخ الدولة، ويجدون فيها مناسبة للإعراب بصور شتى عن فخرهم بالقوات المسلحة وتقديرهم لدورها، على النحو الذي يعكس تلاحماً وطنياً ووعياً بإنجازاتها الضخمة وإسهامها في مسيرة البناء والتنمية جنباً إلى جنب مع أداء أدوارها في ردع الأعداء وحماية الوطن وتنفيذ المهام العسكرية الموكولة إليها بأعلى درجات الكفاءة.

وقد ظهرت صورة من العلاقة المتفردة التي تجمع بين أبناء دولة الإمارات والقوات المسلحة في نوفمبر الماضي، في إطار الاحتفال بمرور عشر سنوات على برنامج الخدمة الوطنية، وما أوضحته التجربة من التسابق بين أبناء الدولة إلى نيل شرف الجندية، إيماناً منهم بأن الانتماء إلى القوات المسلحة لا يزودهم بالمهارات والكفاءات العسكرية والقتالية فحسب، بل بخبرات حياتية ومناقب شخصية ومهارات تخصصية تمثل رصيداً لهم في مساراتهم المهنية، وتفتح أمامهم سبل التفوق والإبداع.

وفي هذه الذكرى الوطنية، يتقدم أبناء الوطن كافة إلى القيادة الرشيدة بالتهنئة، معاهدين إياها على الطاعة والولاء، ويعربون عن الاعتزاز بأبناء القوات المسلحة وما قدمته في سبيل صيانة أمن الوطن والحفاظ على مكتسباته، لتبقى راية الاتحاد عالية خفاقة.