في الخامس عشر من أكتوبر الجاري، تُعقد في موسكو القمة الروسية العربية الأولى تحت رعاية الرئيس فلاديمير بوتين، وقد دُعي إلى المشاركة فيها كافة رؤساء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والأمين العام للجامعة. وكما جاء في الإعلان عن تنظيم القمة، فالهدف الرئيسي منها هو «تعزيز التعاون متعدد الأوجه والمنفعة المتبادلة» بين روسيا والدول العربية، إلى جانب المساهمة في تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويتماشى هذا الهدف مع السياسة الروسية تجاه دول العالم العربي، إذ تتبنّى موسكو نهجاً يقوم على توسيع التجارة مع هذه الدول، والتزام الحياد التام في النزاعات الإقليمية، مع التركيز على الشراكات الاقتصادية والأمنية. ويُظهر هذا النهج رغبةً في كسر الحصار الدبلوماسي الذي تحاول الدول الغربية فرضه على روسيا، فضلاً عن الرغبة في استقطاب دول مجلس التعاون الخليجي كشركاء جدد من دون أن يضطروا للانخراط في الصراعات الكبرى. وإلى ذلك، فالتنسيق داخل أُطر مثل «أوبك+» يَمنح روسيا دوراً فاعلاً بين الدول المنتجة للنفط، ويُشجّع الدول العربية على مواءمة سياسات الإنتاج، بغية ضمان استقرار أسعار النفط.
 كما تسعى موسكو إلى استثمار علاقاتها ببعض الدول العربية الأخرى التي رفضت الانخراط الكامل في العقوبات الغربية ضد روسيا، مما يتيح للكرملين فرصةَ فتح قنوات مالية واستثمارية جديدة، وتقديم بدائل عن المحور الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة. 
 وخلال السنوات الأخيرة، شهدت العلاقة بين روسيا والدول العربية تحوّلاً ملحوظاً، فقد تبادلت عدة دول عربية زياراتٍ رسميةً على مستوى عالٍ مع موسكو، ووقّعت اتفاقياتٍ تجاريةً واستثماريةً مشتركةً، لا سيما في مجالات الطاقة والبنى التحتية والتكنولوجيا. كما تجنبت الدول الخليجية تطبيقَ العقوبات الغربية على روسيا، مما وفر أرضيةً للتعاون في الأزمات الدولية، فضلاً عن دور بعض دول الخليج العربي في الوساطات بين موسكو وكييف. 
 وفيما يخص الملف السوري، التقت موسكو مؤخراً بمسؤولين من الحكومة السورية الجديدة، ودُعيت دمشقُ لحضور القمة، في إطار إعادة ترتيب العلاقات وإعادة تقييم الاتفاقات السابقة. 
ستتمكن روسيا من تعزيز حضورها الاقتصادي في العالم العربي من خلال فتح أسواق جديدة لمنتجاتها الصناعية والعسكرية والتكنولوجية، وستُعزز مكانتَها السياسية كوسيط دولي يُحتكم إليه في القضايا الإقليمية، خصوصاً في النزاعات المشتعلة بالشرق الأوسط. 
 ولدى دول الخليج فرصة لتنويع شركائها التجاريين والاستثماريين بعيداً عن الغرب، ولتوفير بدائل في مجالات الأمن والدفاع والطاقة. 
 يُتوقع أن تفضي القمة إلى مواقف موحَّدة بشأن قضايا عربية مركزية، مثل فلسطين وسوريا ولبنان، وقد تدعم جهوداً لإطلاق مشاريع تنموية مشتركة في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة والربط اللوجستي بين روسيا والدول العربية. 
وبوجه عام، يُتوقع أن تسهم القمة في إعادة تشكيل خريطة التحالفات في الشرق الأوسط، وفي منح روسيا والدول العربية أوراقاً إضافية لتعزيز مواقفها التفاوضية الدولية.
 *كاتب كويتي