تُجسد مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة المجتمع الدولي احتفاله بـ «اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث»، الذي يُصادف الثالث عشر من أكتوبر من كل عام، التزامها العميق والمستمر بتعزيز مفاهيم الوقاية والتخطيط الاستراتيجي لبناء مجتمعات أكثر أماناً. وتعكس هذه المشاركة إدراك الإمارات لأهمية تعزيز القدرات الوطنية والدولية في مواجهة الكوارث الطبيعية والبيئية، ضمن سياق عالمي يشهد تصاعداً مستمراً في المخاطر المناخية والجيولوجية. 
ويأتي هذا الالتزام ضمن رؤية شاملة تتبناها دولة الإمارات منذ تأسيسها، تقوم على نهج استباقي يُعلي من قيمة الوقاية والتخطيط، ويؤمن بأن الحد من الكوارث ليس مجرد استجابة لما بعد وقوعها، بل استثمار مستمر في البنية التحتية، والجاهزية المؤسسية، والتوعية المجتمعية، والتعاون الدولي. وقد انعكست هذه الرؤية في سياسات وطنية واضحة، تضع الأمن الإنساني والبيئي ضمن أولوياتها، وتنسجم مع أجندات التنمية المستدامة، مثل «رؤية الإمارات 2021» و«نحن الإمارات 2031».
وقد أنشأت دولة الإمارات «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» لتكون الجهة المحورية في تنسيق جهود الاستعداد والاستجابة، من خلال وضع الاستراتيجيات والخطط الوطنية، وتنظيم التمارين الميدانية، وتفعيل آليات الإنذار المبكر. كما تحرص الدولة على تحديث التشريعات، وتدريب الكوادر الوطنية، وإدماج التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات المناخية، في بناء منظومات تنبؤ واستجابة ذكية، كجزء من مبادرات المدن الذكية وبرامج رصد المخاطر الطبيعية.
وقد أطلقت دولة الإمارات برامج نوعية في هذا المجال، مثل «المنظومة الوطنية للإنذار المبكر» عام 2017، ونظام الإنذار المبكر لرصد الأوضاع الجوية والكوارث الطبيعية وإصدار التحذيرات، وغيرها من البرامج الهادفة إلى تعزيز قدرات الدولة على استشعار التغيرات البيئية وتحليلها، بما يمكّن من اتخاذ قرارات فاعلة ومبكرة للتقليل من آثار الكوارث.
وعلى المستوى الدولي، تتعاون دولة الإمارات بشكل وثيق مع المنظمات الأممية، وفي مقدمتها مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث. وقد شهدت السنوات الأخيرة تنامياً ملحوظاً في هذا التعاون، من خلال استقبال الوفود الدولية، وتبادل الخبرات، والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات العالمية المتخصصة.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن في يونيو 2025 عن ترؤس دولة الإمارات لمجموعة دعم مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2025–2026، لتكون أول دولة عربية تتولى هذا الدور، بما يعكس مكانتها الدولية وثقة المجتمع الدولي في قدراتها المؤسسية والتقنية. كما كشفت الدولة عن عزمها إطلاق منصة رقمية مُخصّصة للاستجابة الفورية، تهدف إلى تقديم الدعم الفني للدول المتضررة من الكوارث، بالشراكة مع الأمم المتحدة، مما يعزّز من فاعلية الجهود الجماعية في مواجهة الطوارئ.
وتُعتبر الإمارات واحدة من أبرز الدول الداعمة للجهود الإغاثية العالمية، إذ لعبت دوراً محورياً في الاستجابة للكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية حول العالم، من خلال عدد من المؤسسات الإنسانية الرائدة مثل «هيئة الهلال الأحمر الإماراتي». وأرسلت دولة الإمارات فرق إنقاذ وإغاثة متخصصة، بالتنسيق الكامل مع وكالات الإغاثة الأممية والمحلية، لتقديم الدعم العاجل والمساعدات الطبية والغذائية، والمساهمة في إعادة التأهيل وتعزيز الاستقرار المجتمعي وتحقيق التنمية المستدامة للمتضررين والمحتاجين في مناطق واسعة في آسيا وأفريقيا.
وإيماناً منها بدور العنصر البشري، تُركِّز دولة الإمارات على رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الكوارث وأهمية السلوك الوقائي، من خلال حملات وطنية تُنفذ بالتعاون بين الجهات الحكومية ومؤسسات التعليم والإعلام. كما تُشرك الشباب والنساء في برامج الاستجابة والتدريب، بما يُعزّز من الثقافة الوقائية ويُرسخ مبدأ «المجتمع الشريك» في مواجهة الطوارئ.
إن مشاركة دولة الإمارات في اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث لا تقتصر على الطابع الرمزي، بل تعكس توجهاً استراتيجياً نحو بناء نموذج وطني وعالمي قائم على الوقاية، والتأهب، والاستجابة الفعالة. ومن خلال جهودها الحثيثة، تواصل الإمارات أداء دورها كداعم رئيسي للاستقرار الإنساني، والتنمية المستدامة، والتضامن العالمي في وجه الكوارث. وبهذا النهج المتقدم، تؤكد الإمارات أن التصدي لمخاطر الكوارث مسؤولية مشتركة، تتطلب تعاوناً دولياً، لضمان حماية الأرواح والممتلكات، وصون مكتسبات التنمية للأجيال القادمة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.