يأتي الثاني من ديسمبر من كل عام شاهداً على لحظة فاصلة في تاريخ المنطقة، لحظة لم تكن مجرد إعلان سياسي، بل تجسيداً لعبقرية الرؤية والفكر المستنير للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. لقد قام الاتحاد على أساس متين من الإيمان بوحدة المصير، متجاوزاً الانقسامات الجغرافية والاجتماعية ليؤسس نموذجاً فريداً في الوحدة والبناء الحضاري. إن هذا التاريخ ليس احتفالاً فقط، بل تأكيد على استدامة القيمة العليا التي تُمثلها دولتنا.
إن الاتحاد، في جوهره، هو المشروع الفلسفي الأهم الذي حدد مسار البلد، وهو الوعاء الذي يحفظ لنا هويتنا التي تتجلى في قيمنا الإسلامية، وتراثنا الأصيل، ولغتنا العربية التي هي سياج الذاكرة وشرط التواصل الحضاري. لم يكن هذا الكيان المتراص وليد الصدفة، بل كان قراراً استراتيجياً جعل من الوحدة مصدر قوة لا تنضب.
لقد أثبت الاتحاد عبر مسيرته أنه منظومة متكاملة تضمن الأمن والاستقرار والازدهار. وهو الإطار الذي منح الدولة المرونة اللازمة لتحويل التحديات الصحراوية إلى فرص ريادية في الفضاء، والتكنولوجيا المتقدمة، والاستدامة البيئية. فكل إنجاز تحقق على أرض دولة الإمارات هو نتاج مباشر لوحدة القرار، ووحدة الصف، ووحدة الهدف.
اليوم، ونحن نحتفل بذكرى التأسيس، نجدد العهد بأن يبقى هذا الاتحادُ الضمانةَ الأزلية لوجودنا ولطموحاتنا نحو تحقيق مستهدفات رؤية المئوية 2071. إن قوة دولة الإمارات في مواجهة المتغيرات العالمية لا تنبع من مواردها، بل من تماسك قيادتها والتفاف شعبها حول راية واحدة. هذه هي الروح التي يجب أن نغرسها في الأجيال القادمة: أن الإخلاص للاتحاد هو الإخلاص للمستقبل، وأن المحافظة على قيمه هي الحفاظ على هذا الإرث العظيم. فليكن احتفالنا عهداً متجدداً بالمضي قدماً في مسيرة الريادة، مستلهمين من فكر المؤسسين عزمنا على تحقيق الأفضل.
الدكتورة/ عائشة الشامسي
رئيس قسم اللغة العربية في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية


