الكيفية التي يُنهي بها بلد ما الحرب في منطقة نائية من العالم ويقف بها إلى جانب الأشخاص الذين خاطروا بسلامتهم وحياتهم من أجل مساعدته في هذه الحرب تبعثُ برسالة إلى العالم مؤداها أن ما قدموه من جهود وتضحيات لن يُنسى. ومثلما أعلن أوباما الأسبوع الماضي، فإن الولايات المتحدة ستقوم بسحب كل قواتها من أفغانستان بنهاية العام ما عدا 9800 جندي. على أن يتم الإبقاء على قوة صغيرة فقط في سفارة الولايات المتحدة في كابول بنهاية 2016. غير أنه بينما يتم تنفيذ عملية الانسحاب، تواجه أميركا خطر البعث بالرسالة الخطأ إلى المترجمين الأفغان، وآخرين ممن جازفوا بحياتهم لمساعدة جنودنا ودبلوماسيينا على القيام بمهامهم في أفغانستان خلال العقد الماضي. والواقع أن وزارة الخارجية الأميركية ووكالات حكومية أخرى قامت بتحسين الطريق نحو الأمان لعدد قياسي من الحلفاء الأفغان العام الماضي، ولكننا الآن في حاجة لمساعدة عاجلة من الكونجرس لمواصلة ذلك التقدم والوفاء بالتزامنا. برنامج التأشيرة الخاص بالمهاجرين الأفغان أنشئ من قبل الكونجرس في 2009 قصد مساعدة الأفغان الذين يعرّضهم عملهم مع الحكومة الأميركية لخطر الانتقام. ويروم هذا البرنامج، الذي صمم وفق نموذج برنامج مماثل خاص بالعراقيين، تحديد الأشخاص الذين يواجهون تهديدات حقيقية وتسريع دخولهم إلى الولايات المتحدة. ولكن البرنامج بدأ بداية بطيئة، حيث خلق التأخيرُ في معالجة الطلبات وغيابُ الشفافية في اتخاذ القرارات جملةً من المشاكل. وبعبارة أخرى، فإن العملية لم تكن تواكب الطلب، فقد كشف تحقيق شامل لوزارة الخارجية أرقاماً وقصصاً تشير إلى وقت طويل جداً لمعالجة الطلبات، ومن ذلك عمليات التحقق من خلفية مقدمي الطلبات التي تقوم بها وكالات أميركية أخرى، فكان بعض الأشخاص المستحقين يُهمَلون ويُقصون، وهذا أمر غير مقبول بالنسبة لي وبالنسبة للرئيس. ولعلاج هذه المشكلة، ركزت وزارة الخارجية جهودها على الداخل أولًا، حيث حددنا عدداً من الثغرات ومواطن الخلل في نظام عملنا وقمنا بمعالجتها. كما قمنا بتسخير موارد إضافية، وخاصة في السفارة الأميركية في كابول حيث تطوع بعض الموظفين للقيام بواجبات إضافية وتقليص وقت معالجة الطلبات إلى النصف. وعلاوة على ذلك، قمنا بتبسيط العملية وتسهيلها على الأفغان أكثر، حيث قام الدبلوماسيون الأميركيون بالتنقل عبر أفغانستان، ليشرحوا للأشخاص الذين قد يرغبون في تقديم طلبات القواعد والإجراءات الواجب اتباعها. وفي هذا الصدد، شجعنا أولئك الأشخاص على التقدم بطلباتهم مبكراً من أجل الحفاظ على تدفق مطرد للحالات وتقليص وقت الانتظار إلى الحد الأدنى. وقد ساهم الكونجرس في هذا الجهد من خلال توضيح القواعد بخصوص كيف يمكن لمقدمي الطلبات أن يثبتوا أنهم يواجهون تهديدات. وبينما كنا نقوم بتبسيط العملية، اتخذنا حزمة من الإجراءات الاحتياطية الصارمة لمنع أي شخص يشكل تهديداً للولايات المتحدة من الانسلال عبر العملية، ولأن وزارة الخارجية ليست سوى محطة واحدة ضمن رحلة طويلة يتعين على مقدم الطلب خوض غمارها، من العمل الورقي إلى منفذ الدخول، فقد عملنا مع شركائنا في الوكالات الحكومية المعنية الأخرى للمساعدة على معالجة وإنهاء أعمالهم المتأخرة أيضاً. فكانت النتائج دراماتيكية، حيث حصل قرابة 5 آلاف أفغاني، من المترجمين وأفراد عائلاتهم بشكل خاص، على تأشيرات في إطار هذا البرنامج منذ الأول من أكتوبر 2013، مقارنة مع قرابة 1600 خلال الـ12 شهرا الماضية. كما تلقى أكثر من ألف مترجم أفغاني تأشيرات في شهري مارس وأبريل فقط. بيد أن هذا النجاح خلق تحدياً جديداً، ذلك أنه إذا مضينا على الوتيرة السريعة الحالية، نتوقع أن نصل إلى السقف المحدد بـ 3 آلاف تأشيرة المرخص به من قبل الكونجرس للسنة المالية 2014 خلال شهر يوليو المقبل، الأمر الذي يتركنا أمام خطر ترك المئات من الأفغان المستحقين في وضع صعب، إلى أن تتم الموافقة على مجموعة جديدة من التأشيرات للسنة المالية 2015. ولكن ذلك يمثل أمراً خطيراً بالنسبة لمقدمي الطلبات - ومضراً بمصداقيتنا الوطنية في المرة القادمة، التي سنضطر فيها للاعتماد على مساعدة السكان المحليين. إن الوفاء بوعدنا يتطلب تمرير تشريع هذا الصيف يرخص لتأشيرات إضافية، لما تبقى من السنة المالية الحالية وللسنة المالية المقبلة. فنحن لا نريد خسارة الزخم الذي حققناه بجهد جهيد أو تعريض أرواح الناس للخطر. ولحسن الحظ، فإن برنامج تأشيرة الهجرة الخاص يحظى بدعم قوي بين أعضاء كلا الحزبين. فهذا ليس موضوعاً للتعصب أو المزايدات الحزبية، ولا هو هدية للأفغان، وإنما جهد يفي بالتزام تجاه أشخاص جازفوا بحياتهم من خلال عملهم إلى جانب الأميركيين في أفغانستان. وقد بذلنا، في وزارة الخارجية، كل ما في وسعنا من أجل الوفاء بهذا الالتزام. والآن، هناك فرصة فريدة أمام «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» في الكونجرس للعمل معا من جديد للترخيص لتأشيرات كافية لهذا البرنامج، وهذا هو أقل ما يمكن أن نفعله من أجل حلفائنا الأفغان. ----- جون كيري وزير الخارجية الأميركي ----- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي تي.انترناشونال»