يتذكر اللبنانيون أبا عمار جيداً، فهم احتضنوه بعد الانتقال القسري للمقاومة الفلسطينية من الأردن واستقرارها في لبنان، ويتذكرونه جيداً في وداعه الذي يعتبر حزيناً أمام شاشات التلفاز. إلا أن بعض اللبنانيين يتهمونه بأنه أحال لبنان خلفه بلداً منكوباً نسبة إلى الحرب الأهلية من جهة والتي كان فيها الطرف الأساس، ونسبة إلى الاجتياح الإسرائيلي الكاسح الذي قام بطرد المقاومة الفلسطينية من لبنان.
ويتذكر اللبنانيون جيداً كيف أنهم احتضنوا وما زالوا إلى اليوم القضية الفلسطينية، وكيف أنهم يدفعون ثمن الولاء لها من خلال التهديدات المباشرة وغير المباشرة التي تتوعد بها إسرائيل المقاومة ومن خلفها لبنان. ويتذكر اللبنانيون جيداً أن ياسر عرفات ذهب من بيروت وعينه عليها، فإن لم يكن ذلك تحليلاً، فيكفي ما نراه دائماً في نظراته أثناء انتقاله بحراً في "سفينة نوح" الخلاصية مع مقاتليه وكوادره. ياسر عرفات هو الذي خرّج جل الكوادر الموجودة في الساحة السياسية اللبنانية، حيث يدين هؤلاء القادة الحاليون له بالولاء التذكاري فقط، ولكن حسب الموقف الذي يواجه كلا منهم.
تبقى كلمة واحدة وهي أن "أبو عمار" كان إلى اللحظة الأخيرة وسط شعبه لم يفارقه البتة ورمزاً للقضية الفلسطينية، لكن أسراره في مواقفه وفي حركته النضالية تبقى معه ومع العارفين بها.
وسام ترحيني - لندن