داهمني شعور الغضب الممزوج بالسخرية المُرة، وأنا أتابع تلك الكلمات المستفزة في خبر يُعلق على حقائب نسائية - لعلامة تجارية مشهورة جداً- تُترك عمداً بلا إغلاق، وكأن قفلها المفتوح هو زينة الحضور. مفسراً ذلك على أن النساء اللاتي يستخدمنها بهذه الطريقة هنّ شخصيات منفتحة وشفافة، وليس لديهن ما يخشين منه!!، تساءلت بحسرة، كيف يمكن استغفال الناس بهذا القدر وإيهامهم بالرمزية، عبر إسباغ معانٍ على أمور لا يمكن أن تُحتمِل أكثر مما تبدو عليه؟! عرفنا «الرمز» بأنه استخدام المحسوس لتوصيل معنى أعمق، بطريقة غير مباشرة، تُثير التأمل لدى المتلقي، وتلقي عليه بعداً فكرياً وجمالياً يثري التجربة. ولهذا ولجعل أي سلعة استهلاكية تأخذ أقصاها - مهما كانت سطحية - يتعمد «المنتجون الرمزيون»، وهم المتخصصون منهم في عالم الأعمال، إضافة «رسالة» للمنتج الاستهلاكي، وذلك بجانب غرضه الوظيفي والجمالي. وحسب خبر الحقيبة المفتوحة، مارس هؤلاء المتخصصون علينا ما يُطلق عليه في علم الاجتماع «العنف الرمزي».. فما معنى هذا! 
كان عالم الاجتماع الفرنسي «بيير بورديو» أول من تطرق لهذه المصطلحات في كتاباته منذ منتصف ستينيات القرن الماضي. وذلك عندما درس وشرح كيف تُمارَس الهيمنة والسلطة في المجتمعات، ليس فقط عبر القوة المادية المباشرة، بل أيضاً عبر الرموز والمعاني والثقافة، حيث تتحول إلى أدوات لإعادة إنتاج النفوذ الاجتماعي. وكشف «بيير» كيف أن المنتجين الرمزيين - في الأدب والفن وحتى الصناعات - قد يضيفون معنى ويسقطون الرموز عبر الدعاية على منتجات - كما في حالة الحقيبة المشرعة - غير مستحقة لها، عبر ترسيخ رؤى وقيم حول المنتج على أنها «طبيعية»، بينما هي في الحقيقة تخدم مصالحهم التجارية! 
هذا النوع من الصناعة الدعائية القائمة على العنف الرمزي، نتعرض له بشكل يومي من دون أن ننتبه إلى أثره البليغ علينا. كونه ناعماً، ممنهجاً، ويظهر وكأنه أمر عميق في الرسائل الزائفة الموجهة، وذلك عبر ما تحمله من معنى مُختلق، يحوّل الاستهلاك إلى هوية، باعتباره رمزاً للذات ومعياراً للحكم الاجتماعي. وكما قال «بيير» في أهم أفكاره المتعلقة بثقافة الاستهلاك يصبح (الرمز أهم من الشيء)! للأسف.. في هذه الثقافة لا قيمة للشيء في ذاته، بل لقيمته الرمزية في المجتمع. فهل ندرك يا ترى كم من الأشياء نستهلكها اليوم، فقط لأجل ما عُلّق عليها من رموز زائفة؟!