لم يكن مساء الجمعة عادياً في أروقة مجلس الأمن. ففي لحظةٍ وُصفت بالتاريخية، صوّتت إحدى عشرة دولة لصالح مشروع القرار رقم 2797، الذي اعتمد مبادرة الحكم الذاتي المغربي كأساس وحيد للحل النهائي لقضية الصحراء المغربية، ليطوي المجتمع الدولي صفحة الغموض، ويفتح مساراً جديداً عنوانه الواقعية السياسية، واحترام السيادة الوطنية، والإقرار بمكانة المغرب الإقليمية والدولية.
 القرار الأممي الجديد يمثل نقطة تحوّل غير مسبوقة في مقاربة المنظمة الدولية لهذا النزاع الإقليمي الممتد لعقود.
 فقد أكّد نص القرار بوضوح أن «الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق»، داعياً الأطراف كافة إلى الانخراط في مفاوضات مباشرة «من دون شروط مسبقة».
وللمرة الأولى، تُمنح المبادرة المغربية ذلك الاعتراف الصريح بوصفها المرجعية الأساسية الوحيدة لأي تسوية مستقبلية، في خطوةٍ تؤشر إلى انتصار منطق الحلول الواقعية على رهانات الانفصال والمراوغة السياسية.
في خضمّ هذا التطور التاريخي، يبرز الموقف الإماراتي ثابتاً وواضحاً كما كان دوماً، وهو دعم كامل لسيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية، وتأييدٌ راسخ لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها مبادرة جدّية وذات مصداقية تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة.
على امتداد السنوات الماضية، لم تتغيّر لهجة الإمارات داخل مجلس الأمن، من تأكيدها على أهمية استمرار العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، إلى إشادتها بالنموذج التنموي المغربي في الصحراء المغربية، وافتتاحها قنصلية عامة في العيون كترجمة عملية لإيمانها بسيادة المغرب على كامل ترابه.
إنه موقف يجمع بين الوفاء للعلاقات الأخوية الراسخة والرؤية الاستراتيجية البعيدة، التي ترى في استقرار المغرب واستكمال وحدته الترابية ركيزة لاستقرار المغرب العربي كله.
إن القرار 2797 لا يكرّس فقط وجاهة الموقف المغربي، بل يؤكد أيضاً أن العالم يميل إلى منطق الحلول العملية التي تحترم سيادة الدول وتعزّز التنمية والاستقرار. 
فالمبادرة المغربية أثبتت، على مدار 17 عاماً، أنها ليست مجرّد اقتراح تفاوضي، بل مشروع حكم ذاتي ناضج يضمن كرامة الجميع في إطار السيادة المغربية الكاملة.
أما الذين راهنوا على تعطيل المسار أو تجميده، فقد اكتشفوا أن صوت الواقعية أقوى من ضجيج الشعارات، وأن الشرعية حين تحظى بالإجماع، تتحول إلى حقيقة سياسية لا يمكن القفز فوقها.
هكذا، تدخل الصحراء المغربية مرحلة جديدة عنوانها الوضوح، وتُسدل الأمم المتحدة الستار على عقود من الالتباس الدبلوماسي. والفضل في ذلك يعود إلى الدبلوماسية الهادئة والمستمرة التي قادها المغرب بثقة وصبر، وإلى دعم صادق من دول شقيقة وفي مقدمتها دولة الإمارات، التي برهنت مرة أخرى على أن التضامن العربي ليس شعاراً، بل التزامٌ نابع من رؤيةٍ تؤمن بالسيادة، وبسلامٍ يقوم على الشرعية والاحترام المتبادل.