نودع اليوم عام 2023 الذي كان عام الحروب التي فشل المجتمع الدولي في وقفها، إلى جانب الأزمات والكوارث الطبيعية التي عصفت بمناطق أبرزها العالم العربي، وغيره من المناطق التي شهدت أحداثاً وضعت العالَم أمام تحديات أمنية واقتصادية، وأمام فُرقة دولية متزايدة تسببت في العجز عن اتخاذ مواقف صارمة لترسيخ السلام ووقف الحروب، وأبرزها الحرب في غزة التي ختم بها العام كوارثه. لكن ما جرى في غزة كانت له تداعيات عالمية، وردود أفعال غاضبة تجاه حجم الضحايا الذين سقطوا من الأطفال والنساء والمدنيين إثر الهجوم الإسرائيلي المبالغ فيه، والذي لم يتوقف حتى الآن بمبرر الانتقام من حركة «حماس» بعد عمليتها العسكرية في السابع من أكتوبر الماضي، في حين أصبحت نتائج الرد الإسرائيلي كارثية على السكان الذين فقدوا أقاربهم ومساكنهم، ويعانون نقصاً حاداً في الغذاء، ومن انهيار في الخدمات الصحية بسبب خروج المستشفيات عن الخدمة.
وغطّت الحرب في غزة على كوارث وحروب أخرى ما تزال تشتعل في أماكن متفرقة من العالم، أبرزها الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، في ظل تقدم روسي، وتراجع أوكراني ناجم عن تباطؤ ملحوظ للدعم الغربي للجانب الأوكراني.
بقية الأحداث والحروب والأزمات السياسية خلال العام كانت من الفئة التي تمثل امتداداً لسنوات سابقة، حيث ما تزال الأوضاع عالقة بين الاستقرار الهش والفوضى في كل من سوريا واليمن ولبنان وليبيا والعراق، وجميع هذه الدول لها أزماتها التي تستقبل بها العام الجديد دون حلول تضمن استعادة الدولة هناك مكانتَها، لتخدم المجتمعات وتحقق لها النهوض الذي يطمح له أي شعب.
وبعيداً عن الحروب التي هي من صنع الإنسان، شهدنا خلال العام المنتهي حدوث عدد من الكوارث الطبيعية، أخطرها كان الزلزال الذي ضرب مناطق من تركيا وسوريا، وتلاه زلزال آخر تعرض له المغرب، فيما شهد الليبيون معاناة سببها إعصار دانيال الذي تضررت منه مدينة درنة الليبية بشكل واسع.
عالمياً، يشير المحللون إلى أن عام 2023 يعد عام الذكاء الاصطناعي، وانتشار استخدام أدواته وتطبيقاته، التي تنتشر ويتم توظيفها في مختلف الاستخدامات، في ظل تنافس بين كبريات الشركات في إطلاق تطبيقاتها للحصول على نسبة من المستخدمين.
خليجياً، حافظت دول المنطقة على استقرارها ونمو اقتصاداتها، وختمت الإمارات السنة باستضافة حدث عالمي كبير تمثل في مؤتمر قمة المناخ (كوب 28)، الذي حقق نتائج وتعهدات دولية باتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من تدهور مناخ الأرض، أبرزها التدرج في ترك الاعتماد على الوقود الأحفوري مقابل الاتجاه نحو الطاقة المستدامة. كما شهدت الإمارات انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، وانتخابات المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، بمشاركة واسعة وحضور متميز للمرأة الإماراتية. وعلى المستوى الخليجي ودعت الكويت أميرها الراحل الشيخ نواف الأحمد، وتولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح مقاليد الحكم.
ومن الواضح من سياق الأحداث الإقليمية والدولية أن العالم ينتقل إلى عام جديد لا يحمل الكثير من بشائر الحلول للأزمات القائمة، لأن الفشل على المستوى الدولي كان الحاضر الأبرز، بدليل ما شهده مجلس الأمن الدولي من إخفاقات متكررة، أعاقت إصدار قرارات دولية إيجابية تسهم في لجم الحروب، ومن بينها الحرب الأشد قسوة في قطاع غزة.

*كاتب إماراتي