منذ السابع من أكتوبر عام 2023، تمر المنطقة بكارثة إنسانية متواصلة. وبينما تفاوتت الاستجابات العالمية، من التصريحات الرمزية والخطابات السياسية إلى الدعم الحقيقي والمستدام، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة بجهودها الإنسانية الكبيرة والثابتة، مؤكدة أن هناك بالفعل فرقاً بين من يُحسن النية ويُحسن الفعل في مساعدة شعب غزة.
لقد سعت بعض الأطراف إلى تسييس معاناة الفلسطينيين أو استغلالها، كما فعلت جماعات مثل «الإخوان» الذين طالما اختطفوا القضية الفلسطينية لخدمة أجنداتهم الأيديولوجية، دون أن يقدموا لغزة شيئاً ملموساً سوى الشعارات. إن هذه الأزمة تطلبت تدخلاً حقيقياً من قادة الأمة العربية، وقد برزت قيادة دولة الإمارات التي قدّمت للعالمين الشرقي والغربي صورةً حقيقية للاستجابة للإنسانية.
وحتى أغسطس 2025، تجاوزت المساعدات الإنسانية التي قدّمتها دولة الإمارات لغزة 1.5 مليار دولار. ويشتمل هذا الرقم الاستثنائي على مساهمة بقيمة 828 مليون دولار بين أكتوبر 2023 ونوفمبر 2024، أي ما يعادل 42% من إجمالي المساعدات الدولية لغزة خلال تلك الفترة.
وبهذا، لا تُعدّ الإمارات أكبر دولة مانحة فقط، بل نموذجاً يُحتذى به في الالتزام الإنساني المسؤول. وقد تنوّعت أشكال المساعدات واتسعت رقعتها. ففي إطار عملية «الفارس الشهم 3»، أرسلت الإمارات أكثر من 20 ألف طن من المساعدات عبر 104 قوافل برية. كما شحنت 18530 طناً من المواد الأساسية من غذاء وخيام وملابس وأدوية عبر أربع رحلات بحرية، ونقلت 5340 طناً من المساعدات عبر 259 جسراً جوياً.
وفي نوفمبر 2024، أرسلت الإمارات 514 طناً من المساعدات العاجلة، بما في ذلك مكملات غذائية للأطفال ومواد إيواء، كما أرسلت في مايو 2024.252 طناً من المواد الغذائية خصيصاً إلى شمال غزة، المنطقة الأكثر تضرراً من النقص.
لقد تجاوز دعم الإمارات توفير الغذاء والدواء، إذ شمل إرسال سيارات إسعاف، وخزانات مياه، وأنظمة صرف صحي، ومعدات طبية. كما أطلقت الإمارات حملة تطعيم ضد شلل الأطفال بقيمة 5 ملايين دولار، تم من خلالها تحصين 650 ألف طفل فلسطيني في مبادرة تعبّر عن رعاية طويلة الأمد لجيل جديد، كما تم نقل مئات الجرحى من غزة لتلقي العلاج في مستشفيات إماراتية، في تأكيد على التزام الدولة بالاستجابة الإنسانية الشاملة.
وفي عام 2025، تعاونت دولة الإمارات مع الأردن ومصر لاستئناف عمليات الإسقاط الجوي الطارئة. ففي 27 يوليو الماضي، أُرسلت 25 طناً من المساعدات عبر مهمة مشتركة، تلتها عملية أخرى نقلت 52 طناً من المواد الإغاثية بمشاركة الدول الثلاث. ولم تقتصر الجهود على الحلول الفورية، بل أطلقت الإمارات مشروعاً بنيوياً ضخماً يتمثل في إنشاء خط أنابيب من مصر لتزويد 600000 فلسطيني بمياه مُحلّاة في استجابة لأحد أخطر احتياجات غزة طويلة الأمد. وتُجسّد هذه المبادرات الكبرى الطريقة الصحيحة لمساعدة المنكوبين دعم مستمر، منظم، غير مسيّس، يركّز على كرامة الإنسان وبقائه.
وما قدّمته دولة الإمارات خلال العامين الماضيين يُجسّد هذا النهج ويعكس ليس فقط عمق التعاطف الإماراتي، بل يشكّل أيضاً نموذجاً يُحتذى به في العمل الإنساني القائم على البصيرة والرحمة.
وفي هذا السياق، يتبيّن أن الحلفاء الحقيقيين لغزة ليسوا من يرفعون الشعارات وحسب، بل من يقدّمون دعماً غير مشروط وباستمرار. وهذا هو الالتزام الأخلاقي، وتجسيد القول بالفعل، الذي عُرفت به دولة الإمارات العربية المتحدة. نسأل الله أن يحفظ الإمارات قيادةً وشعباً، وأن يديم عليها نعمة الأمن والعطاء.
*مستشار برلماني


