مِن موقع مرتفع في مدينة نيويورك الأميركية، يبدو خط المترو العلوي، الممتد بمحاذاة شارع «نيو أوتريخت» في منطقة بروكلين، متجهاً نحو منطقة كوينز، وهو خط جديد باسم «آي بي إكس»، يمتد لمسافة 14 ميلاً، ويتوقف في 19 محطة على طول مسار يمر عبر مساحات خضراء خصبة وأنفاق مظلمة ومناطق صناعية رملية، ليربط مناطق مهملة من المدينة ظلت على الدوام ذات خيارات نقل محدودة. ومن زاوية التقاط الصورة، يبدو الخط الجديدُ مثلَ خيط أحمر يشق أحياء مكتظة، فيما يتقاطع معه شريطٌ أخضر طويل من الأشجار يغطي مساراً حديدياً آخر ظلّ مهمَلاً لعقود.
وهنا، على هذا المسار المتعامد، تخطط نيويورك لإطلاق «الإنتر بورو إكسبرس» الذي سيربط بروكلين وكوينز مباشرة. وبينما تظهر، في الأفق البعيد، أبراج مانهاتن العالية، التي لطالما كانت محطةَ المرور الإجباري، وكأنها تراقب بهدوء مشروعاً يجرؤ على الاستغناء عنها، كذلك تبدو عربات المترو المألوفة على رصيف السكة الحديدية القديم في بروكلين، وكأنها تراقب بصمت حلماً جديداً يمر بجوارها، أي مشروع «الإنتر بورو إكسبرس» الذي يَعِد بربط بروكلين وكوينز، لأول مرة، من دون المرور عبر مانهاتن.
والمفارقة أن هذا «المشروع المستقبلي» سيسير على أرض قديمة، وسط بنية تحتية كانت موجودةً منذ زمن بعيد، وكأن المدينةَ تعيد اكتشافَ ماضيها لتصنع منه حلّاً لأزمتها المرورية المعاصرة. وبينما يواصل المشروعُ إثارة النقاشات حول التكلفة والجدوى، تبقى الصورة تذكيراً بأن نيويورك، رغم سرعتها، تحتاج أحياناً إلى عقود كي تغيّر مسارها، حتى ولو كان المسار ماثلاً في الأصل.
(الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)


