سوف يقف التاريخ طويلاً بكل فخر واعتزاز عند الدور الكبير والدعم اللامحدود الذي قامت به سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وكان له أبلغ الأثر فيما حققته بنت الإمارات من إنجازات جعلتها تتبوأ مكانة متميزة بين قريناتها في الدول الشقيقة والصديقة.

عطاء سمو الشيخة فاطمة تواصل على مدار عقود، ومنذ أن أوكل إليها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه - مهمة النهوض بالمرأة مع قيام دولة الاتحاد، ولاتزال سموها تقود باقتدار سفينة العمل النسائي في الدولة، وبمناسبة يوم المرأة الإماراتية أطلقت سموها رؤية أم الإمارات «50:50»، لتكون عنوانَ عمل الفترة المقبلة بما يواكب خطط القيادة في الارتقاء بدور المرأة، وبلوغها مستويات غير مسبوقة. «رؤية أم الإمارات 50:50»، تمثل تجسيداً حياً لفكر رائدة العمل النسائي في الدولة في تمكين المرأة شريكاً رئيساً في المسيرة التنموية، وبما يعكس طموح الإمارات في أن تصبح المرأة نموذجاً عالمياً في التأثير والإلهام، وضمان حضورها في قلب المستقبل، بما ينسجم مع تطلعات مئوية الإمارات 2071.

ورؤية أم الإمارات التي جاءت تحت شعار «يداً بيد نحتفي بالخمسين»، ترتكز على ثلاثة محاور أساسية (الأسرة والهوية الوطنية - الحوكمة والاستراتيجيات- الشراكات الدولية التنموية)، وتستهدف جعل الإمارات من أفضل دول العالم في جودة حياة المرأة، ووضعها ضمن أفضل الحكومات في صياغة مستقبلها. لقد قادت الشيخة فاطمة بنت مبارك منذ سبعينيات القرن الماضي جهود تمكين المرأة، حيث أسست أول جمعية نسائية (جمعية نهضة المرأة الظبيانية) عام 1973، (والتي حلت مؤسسة التنمية الأسرية مكانها لتواصل مسيرتها) ثم الاتحاد النسائي العام عام 1975 ليكون المظلة الرسمية التي تعنى بشؤون المرأة، وتعمل على تمكينها. هذه المؤسسات لم تكن مجرد هياكل إدارية، بل كانت بمثابة محركات استراتيجية لتحقيق المستهدفات الوطنية مثل الاستراتيجية الوطنية لتقدم المرأة في الإمارات (2002)، ومراجعة وتطوير التشريعات التي تدعم المرأة، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقوانين العمل التي تضمن المساواة في الأجور، وحماية حقوق المرأة في المجالات كافة، وإعداد تقارير الدولة المقدمة إلى المنظمات الدولية حول أوضاع المرأة، بما يعكس الشفافية والالتزام العالمي.

إن جهود سمو الشيخة فاطمة لم تكن مجرد مبادرات عابرة، بل كانت مشروعاً وطنياً متكاملاً ومستداماً، تعززه قناعة راسخة بأن تمكين المرأة هو ركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك ومتقدم، وبهذه الرؤية نجحت سموها في تحويل ابنة الإمارات إلى شريك أساسي في عملية التنمية وبناء المستقبل، وأصبحت نموذجاً يُحتذى به في التوازن بين الدور الأسري والانجاز المهني. لقد ساهمت الشيخة فاطمة (بدعم القيادة) في فتح أبواب كانت حكراً على الرجل، ونتج عنها وصول المرأة إلى منصب الوزيرة والسفيرة والقاضية، وبفضل رؤية سموها شغلت المرأة الإماراتية 66% من وظائف القطاع الحكومي، منها 30% في مواقع قيادية عليا مرتبطة باتخاذ القرار، وتم تحديد هدف رفع نسبة تعيين النساء في الوظائف الفنية إلى 25% بحلول2030. كما تحظى المرأة الإماراتية اليوم بحضور قوي في صنع القرار، حيث أصبحت شريكاً فاعلاً في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ما يؤكد تكامل أدوارها في بناء الدولة. ليس هذا فحسب، فنسبة مشاركة المرأة الإماراتية ضمن القوى العاملة بلغت 55%، وهناك أكثر من 50 ألف رخصة تجارية باستثمارات تتجاوز 60 مليار درهم تمتلكها 25 ألف سيدة أعمال إماراتية، وفي مجالات التعليم النوعية يوجد حضور لافت للعنصر النسائي، حيث بلغت النسبة من خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات نحو 46%، وبهذه المؤشرات احتلت الدولة المركز الأول إقليمياً في تقرير مؤشر المساواة بين الجنسين 2025، والثالث عشر على المستوى العالمي.

كل ذلك يجعلنا ننظر بكل فخر للدور الرائد الذي تقوم به الشيخة فاطمة «أم الإمارات»، فجهود سموها تُعد حجر الأساس في النهضة الشاملة التي تعيشها المرأة الإماراتية، وهي جهود متعددة الأبعاد كان له أعظم الأثر في جعل ابنة الإمارات نموذجاً ملهِماً على المستويين الإقليمي والعالمي. إن واقع اليوم يؤكد أن المرأة الإماراتية أصبحت رائدة وصانعة للتغيير، ولا شك أن هذه المسيرة المشرقة هي ترجمة حقيقية لرؤية القيادة الرشيدة ودعمها اللامحدود، والتي وجدت في سمو الشيخة فاطمة نموذجاً للقيادة الملهمة ومحركاً أساسياً لطاقات المرأة الإماراتية.

لعل الاحتفال بيوم المرأة الإماراتية مناسبة مهمة لتسليط الضوء على مكانتها ودورها وجهودها في نهضة الوطن وتنشئة الأجيال القادمة، وتقدير مساهماتها في بناء المجتمع، والاعتزاز بإنجازاتها، وبما تقدمه من دورٍ حيوي وإسهاماتٍ بارزة في نهضة الإمارات وتقدمها، ورفع رايتها بين الأمم.