تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة العالم الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف 10 ديسمبر من كل عام، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف تعزيز الوعي بأهمية حماية الحقوق والحريات الأساسية وصون كرامة الإنسان. وبهذه المناسبة، تبرز الإمارات كدولة رسّخت منظومةً متكاملةً لحماية حقوق الإنسان، تقوم على نهج حضاري يعكس قيمها الإنسانية ومبادئها الراسخة في التسامح والعدل والمساواة.
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات قد نجحت، بفضل قيادتها الرشيدة ورؤيتها الاستشرافية، في بناء نموذج رائد إقليمياً ودولياً في تعزيز الحقوق الأساسية وتحقيق التنمية الشاملة التي تضمن رفاه الأفراد وجودة حياتهم. ومنذ تأسيسها، عملت دولة الإمارات على تطوير تشريعات وقوانين تصون الحقوق وتحقق التوازن بين التنمية والعدالة الاجتماعية، من أجل بناء مجتمع آمن وقضاء عادل، على النحو الذي يعزّز الثقة في سيادة القانون ويضمن حماية حقوق جميع فئات المجتمع.
وتواصل دولة الإمارات اليوم ترسيخ هذا النهج من خلال رؤية «نحن الإمارات 2031»، التي تسعى إلى تعزيز ريادة الإمارات في مجالات العدالة، وتمكين الإنسان، وتوفير بيئة اجتماعية تدعم الاستقرار والازدهار. وفي إطار التزامها بحماية حقوق الإنسان، اعتمدت الإمارات مجموعة شاملة من السياسات والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية، وقامت بتطوير التشريعات المرتبطة بحماية العمال، وضمان بيئة عمل عادلة وصحية، من خلال قوانين متقدمة تتوافق مع الاتفاقيات الدولية.
كما تبنّت الإمارات برامج رائدة لتمكين المرأة، وتعزيز مشاركتها في ميادين العمل وصنع القرار، ما جعلها ضمن الدول المتقدمة عالمياً في مؤشرات المساواة بين الجنسين. وفي مجال الحريات الدينية والثقافية، حرصت الإمارات على ترسيخ قيم التسامح والتعايش من خلال قوانين تحمي حرية المعتقد وتجرّم خطاب الكراهية والعنصرية. وأُنشئت العديد من المؤسسات الداعمة لهذه القيم، مثل وزارة التسامح والتعايش والمعهد الدولي للتسامح، التي تسهم في تعزيز الحوار الثقافي، وحماية الحقوق الفكرية والدينية للأفراد، بما يعكس التزام الدولة بسياسات الانفتاح والاحترام. وعملت الإمارات على تطوير منظومة متقدمة لحماية حقوق الطفل من خلال «قانون وديمة»، الذي يُعدّ من أهم التشريعات الحديثة لضمان حقوق الأطفال في الرعاية والحماية والتعليم. وفي المجال ذاته، أطلقت الدولة مبادرات فاعلة لحماية حقوق أصحاب الهمم، عبر سياسات الدمج المجتمعي، وتوفير التعليم والخدمات الصحية والتأهيلية، بما يمكّنهم من المشاركة الكاملة في المجتمع، ويعزز استقلاليتهم وإسهامهم في التنمية الوطنية.
وخلال الأعوام الأربعة الماضية اعتمدت دولة الإمارات منظومة مترابطة ومتكاملة من السياسات والاستراتيجيات الوطنية التي تسعى إلى تعزيز وكفالة التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أهمها «السياسة الوطنية لكبار السن» و«استراتيجية التوازن بين الجنسين 2026» و«السياسة الوطنية لتمكين المرأة 2031» و«الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051» و«مئوية الإمارات 2071» التي تشكّل برنامج عمل حكومي طويل الأمد.
وتحظى حقوق الإنسان في الإمارات بدعم مؤسسي متكامل من خلال هيئات متخصّصة، مثل «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» و«اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر»، التي تضطلع بوضع السياسات وتطويرها، ومتابعة تنفيذ الالتزامات الدولية، وتعزيز الشراكات مع المنظمات الإقليمية والعالمية. كما تحرص الإمارات على دعم التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان، وتشارك بفاعلية في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان وبرامج الأمم المتحدة، إضافة إلى إطلاق مبادرات وطنية تهدف إلى ترسيخ الوعي المجتمعي وترقية المعايير التشريعية بشكل مستدام.
ومن خلال هذه الجهود المتواصلة، تؤكد الإمارات أن حماية حقوق الإنسان تمثل أولوية وطنية وركيزة جوهرية في مسيرتها التنموية. ويأتي احتفالها باليوم العالمي لحقوق الإنسان ليجسد مسيرتها الراسخة في بناء مجتمع يتمتع فيه الأفراد بالحقوق والحريات الأساسية، في ظل بيئة آمنة وعادلة ومستقرة. وبهذا النهج الإنساني الشامل، تُثبت الإمارات أنها ماضية بثقة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً، يرتكز على كرامة الإنسان ورفاهيته، وعلى قيم أصيلة تشكل أساساً للتنمية الشاملة والمستدامة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.


