في هذا اليوم، وفي لحظة واحدة، تقف الإمارات من أقصاها إلى أقصاها دقيقة صمت وابتهال لشهداء الوطن، لتعود الراية بعدها خفاقة على السواري التي بذلوا أرواحهم فداءً لها. إنها مراسم رمزية تحمل في طياتها رسائل جليلة بأن الوطن لا ينسى رجاله الأبطال، ويستحضر مواقفهم بكل فخر واعتزاز في التاسع والعشرين من نوفمبر، اليوم الذي سُجِّلت فيه قبل أكثر من أربعةٍ وخمسين عاماً بطولة الشهيد سالم سهيل خميس وهو يواجه مع رفاقه بأسلحتهم المتواضعة قوةً شاهنشاهية غاشمة احتلت جزءاً عزيزاً من تراب الوطن قبيل إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بساعات قليلة.
وما الشهداء بأموات، بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون كما بشّرت الآية الكريمة، وأحياءٌ في قلوبنا ما حيينا، وفي وجدان الأجيال التي ستأتي بعدنا. نستذكرهم وندعو لهم بعد كل صلاة، ومن على منابر المساجد، وفي كل مناسبة تحضر فيها معاني التضحية والولاء.
وقد قوبلت تضحياتهم بوفاء عظيم من قيادتنا الرشيدة وشعب الإمارات الذي رأى في كل شهيد ابناً من أبنائه.
ومن صور الوفاء الوطني، ليس فقط ما حظيت به ذكراهم من تكريم وأوسمة رفيعة، بل أيضاً ما أولته الدولة لأسرهم وأبنائهم من رعاية ومتابعة عبر مكتب شؤون أسر الشهداء برئاسة سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء.
ويمثل منح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، «وسام الشهيد» لأسر الشهداء ذروة الفخر والاعتزاز بأبنائهم الأبطال، و«تعبيراً عن التقدير للمواقف الوطنية التي سطّرت أروع معاني الوفاء للوطن وقيادته، وللشهداء الذين ستبقى ذكراهم حيّة في قلوب أبناء الإمارات وذاكرة الوطن، وإلهاماً للأجيال القادمة».
كما تقف واحة الكرامة قبالة جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، رمزاً لما قدّمه الأبطال من تضحيات، ليبقى علَم الإمارات عزيزاً شامخاً. وتضم الواحة النصب التذكاري للشهيد المؤلف من واحدٍ وثلاثين لوحاً ضخماً يتكئ كل منها على الآخر، في رمز للوحدة والتكاتف والقوة والشجاعة التي اتصف بها شهداؤنا الأبرار.
وأعظم ما يمكن أن نقدمه لهم هو الوفاء لنهجهم وللقيم الإماراتية التي ضحّوا بأنفسهم كي تنتصر.
رحم الله شهداء الوطن، وحفظ الإمارات شامخة في ظل بوخالد.


