إلى ماذا سيتجه العالم مع الذكاء الاصطناعي المتفوق؟ مقابل ذاك السؤال، يمكن أن تسمع آراء غير علمية مدققة أو أفكاراً متخيلة، وحسابات من أصحاب الشأن والمنخرطين في تطوير هذا الذكاء الاصطناعي، والتي تحمل إجابات مبهمة في غالبها، تشاؤمية في بعضها، لكن العالم متجهٌ الآن وبسرعة نحو ذكاء خارق أو فارط القدرة أو يمكن أن نقارب به بعض مصطلحات الأسلحة العسكرية «فرط خارق» على غرار «فرط صوتي».
تحدي العالم الجديد هو هذا السلاح المختلف والمتطور الذي لا نعرف هل سنحارب به؟ أم سنتحارب به؟ أم سيحاربنا؟ وهل يمكن أن يقفز بالحضارة الإنسانية لأمور ومعجزات خارج الحسبان، وغير متوقعة، وحارقة كل المراحل الزمنية؟ أم تحدث الانتكاسة ويجر العالم بعد الخراب الكوني لعصور ما قبل التاريخ؟
كثيرة هي الأسئلة، قليلة هي الأجوبة، لكن العالم ماضٍ في مشروعه العلمي وتحديات الذكاء الإنساني الذي لم يستعمل الإنسان منه طوال التاريخ إلا 10 في المائة منه أو أقل، ولم يستغل كل طاقاته الكامنة والمجهولة بالنسبة له.
اليوم الذكاء الاصطناعي وما يصنع ويبتكر في كل الأشياء التي في حياتنا، يمكن بعد سنوات قليلة يجعلنا لا نقدر أن نفرّق بين الحقيقي في الحياة، وبين ما اقترفته يد الذكاء الاصطناعي، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية، فالعالم مليء بالأشرار، والخيّرون يتناقصون، وسيكثر الكذب والخلط والافتراءات، والناس عادة تصدق ما ترى لا ما تقرأ وتسمع، والذكاء الاصطناعي ملك الصورة وخلق المشاهد والمؤثرات والأجواء، فالتهمة الظاهرة بالصورة على شخص ما، لا يمكن أن يمحوها اليمين والقسم الصادق، والصور القادمة والملفقة عن الصدامات والمظاهرات والحرائق من أي عاصمة، لا يمكن لأي بيان رسمي أن ينفيها، حتى الكوارث الطبيعية يمكن صنعها والاستجداء عليها، كل شيء في الحياة يمكن تزويره بوساطة الذكاء الاصطناعي، ولا يمكن تمييزه أو تفنيده، حينها يتغلب الذكاء فرط الخارق على الذكاء الإنساني المستغل منه 10 في المائة فقط!
شيء آخر لم يتأكد منه الإنسان بعد، هل سيكذب الذكاء الاصطناعي فائق القدرة؟ أم تكون لديه تلك المتضادات التي تخلق عنده نوعاً من التمييز بين الخير والشر، الصدق والكذب، الجمال والقبح؟ وهل سيتولد عنده مع الوقت والمعاشرة الإنسانية نوع من الإحساس والشعور القريب من المشاعر الإنسانية وفق معادلات وحسابات خوارزمية معقدة ومولدة ومتفاعلة في داخل تلك الأجهزة؟
 هل سينتزع هذا الذكاء فارط القدرة، ميزة وحيدة أعطيت للإنسان كهبة ربانية وصفة روحانية، وهي تلك الأمانة الثقيلة التي حملها الإنسان وكان جهولاً كفوراً، وهي الاختيار؟ تلك هي المعضلة التي قد تواجه الإنسان وحضاراته مستقبلاً!